لبنان تدعم السياحة المستدامة
البحر الأبيض المتوسط هو منطقة سياحية معروفة وتعد نقطة جذب كبيرة للزوار محليا ودوليا على حد سواء، والساحل اللبناني على وجه الخصوص هو مثال مثير للاهتمام بشكل خاص نظرا لتراثه الغني وتنوعه الجغرافي والاجتماعي، ولذلك فإن التدريب المتخصص مسألة هامة للمساعدة في تطوير المزيد من السياحة المستدامة، وتشمل هذه التحديات مراعاة الفرص المتاحة لتطوير مرافق سياحية أصيلة، والتجارة المحلية العادلة، وتنمية التراث الاجتماعي.
السياحة في لبنان
ويحتل لبنان -الدولة الصغيرة في الشرق الأوسط- موقعاً مركزياً داخل الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، مفترق طرق متميز بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ويقع على بعد ساعات قليلة من الطيران من معظم البلدان العربية وشمال أفريقيا والأسواق السياحية الأوروبية، إن لبنان ممر عمره ألف عام، جسر بين الشرق والغرب، احتله الغزاة وعبره التجار، كل ذلك اختلط بطريقة أو بأخرى مع الإمكانات الطبيعية والتاريخية لهذا البلد , ويرى خبير السياحة الخضراء السيد Kevin Rivaton ان لبنان من الممكن ان تصبح رائدة في هذا المجال لو تم استغلال امكانيات لبنان بالشكل الامثل في هذا المجال .
الاتجاه إلى السياحة المستدامة في لبنان
لقد موّل الاتحاد الأوروبي مشروعاً كبيراً للتعاون الدولي، وهو شبكة من المعرفة الأكاديمية بين اثنتي عشرة جامعة تقع في 7 بلدان (الجزائر وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا ولبنان وسوريا)، وتشارك جامعة الكسليك والجامعة اللبنانية بنشاط في تنفيذ دورة ماجستير جديدة في التخطيط العمراني والسياحة والتنمية الاقتصادية والإقليمية، والهدف من هذا التدريب هو تزويد العالم الاقتصادي المحلي مثل الفنادق، الدليل السياحي، وكالات السفر، البلديات، وغير ذلك بأخصائيين للمستقبل في السياحة المستدامة.
مشروع DEVETER هو الآن في منتصف الطريق، بعد تصميم برامج الماجستير التدريبية بشكل مشترك، يقوم الطلاب في الوقت الحالي بإجراء هذا التدريب على البحث والاحترافية في مختلف الجامعات.
وفي إطار هذا التدريب المبتكر، استضاف لبنان نظاماً تعليمياً عملياً دولياً ومتعدد التخصصات، هذه ورشة عمل مشروع عقدت في جامعة الكسليك بالشراكة مع الجامعة اللبنانية وبدعم من جامعة غرونوبل، وركزت مجموعة مختارة من عشرين طالباً دراساتهم على التضاريس الساحلية من طبرجا إلى جبيل ومن الساحل إلى جبل لبنان على طول نهر إبراهيم.
والهدف من هذا العمل الميداني هو إجراء تشخيص بالشراكة مع الجهات الفاعلة المحلية من السكان والتجار والخبراء والمسؤولين المنتخبين من أجل تطوير مسارات المشاريع في مجال السياحة وتنمية التراث.
وقد نظم في جامعة الكسليك احتفال كبير لعرض نتائج هذه الورشة، ضم رؤساء الجامعات الشريكة، وممثلي وزارة الثقافة، والمسؤولين المنتخبين المحليين، وعدد كبير من رؤساء الرابطات المهنية.
الغرض من السياحة المستدامة
إن حماية المناظر الطبيعية أو الثقافية تعني بشكل ما إدارة العلاقة بين التراث الحي والبيئة المادية، ومنذ القرن التاسع عشر، يهتم العلماء بالمناظر الطبيعية كمجال من البحوث بسبب قيمها المميزة، ويمكن القول أنه في لبنان تتأثر المناظر الطبيعية الثقافية من قبل إدارة غير فعالة، فضلا عن استخدامات غير ملائمة للأراضي، وعلاوة على ذلك فإن السياحة المستدامة التي اندمجت في العقد الماضي، لا تزال تبذل قصارى جهدها لحل الآثار السلبية الناجمة عن السياحة الجماعية على الثقافة اللبنانية والمناظر الطبيعية.
السياحة الجماعية هي المفهوم الذي يصف العدد الضخم من السياح المسافرين معا إلى نفس الوجهة السياحية، و خلال عام 2014 ساهمت السياحة الدولية في نمو بنسبة 10٪ في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما يعادل 7.6 تريليون دولار من الاقتصاد، موفرة في الوقت نفسه 277 مليون وظيفة للاقتصاد العالمي. على العكس من ذلك ، في حين هناك إحصاءات محدودة أو معدومة تبين مساهمة السياحة المستدامة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ وقد ركزت الدراسات على الآثار الإيجابية لهذا الشكل من السياحة البديلة والذي يمكن أن يجلب الكثير من المنافع إلى البيئة والمجتمع والاقتصاد.
السياحة المستدامة هي المفهوم الذي يشجع ويحافظ على الاقتصاد المستدام، بالإضافة إلى التنمية الاجتماعية والبيئية وكذلك تعزيز السلوك الصديق للبيئة، وفي الوقت نفسه تهدف إلى الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية.
إن الغرض من اعتماد وتنفيذ السياحة المستدامة هو الحفاظ على التوازن بين حماية البيئة والتماسك الاجتماعي وتثبيت البنية الاقتصادية من الوجهات السياحية، ولذلك فمن الواضح أن السياحة الجماعية يمكن أن تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي على المدى القصير ولكن آثارها السلبية على المجتمع والبيئة حاسمة، مثل تغيير النظام الثقافي والسلوك الاجتماعي، مما تسبب في الصدامات الثقافية والبيئية والتلوث وتدهور التنوع البيولوجي، وما إلى ذلك.
كيفن ريفاتون خبير السياحة المستدامة
لبنان بلد لديه الكثير من مقومات السياحة بداية من المناظر الطبيعية الجبلية الخلابة مرورا بالسهول والشواطئ الساحلية، والعديد من الآثار الإسلامية والمسيحية والإغريقية وغيرها، كل هذا يدفع الفضول لدى الكثيرين لزيارة تلك البلد، هذا بالضبط ما دفع كيفن ريفاتون وغيره من خبراء السياحة المستدامة إلى محاولة تطوير السياحة في لبنان وتغيير مسارها، كي تصب أولا وأخيرا في مصلحة الحياة اللبنانية بداية من السكان المحليين إلى المناظر الطبيعية، كل هذا من أجل المحافظة على تلك الموارد وعدم استنزافها لغرض السياحة الجماعية.
المناظر الطبيعية الثقافية في لبنان
وتتأثر المناطق الريفية في معظمها بهذه الآثار السلبية للسياحة الجماعية التي تؤدي إلى حدوث تغيير في المناطق الريفية مثل تغيير أنماط معيشة السكان، وتراجع القطاع الزراعي وتدهور المشهد الثقافي والطبيعي حيث تشكل المناطق الريفية الآن 12٪ فقط من مجموع السكان في لبنان، ويمكن للمناطق الريفية أن تأخذ شكل المناظر الطبيعية والثقافية، وبالتالي تتأثر بالآثار السلبية للسياحة.
المناظر الطبيعية الثقافية مثل تلك المرتبطة بتاريخ السكان الأصليين وما يرتبط بها قضايا الأراضي والتفكك والمعرفة السرية واللغة المفقودة والمقدسة، ويمكن القول بأن المناظر الطبيعية الثقافية هي تلك التي يتفاعل فيها البشر مع النظام الطبيعي على مدى فترة طويلة، شكلت المناظر الطبيعية المميزة، وهذه التفاعلات تنشأ من وتؤدي إلى القيم الثقافية في التنمية.
اعتماد على هذا التعريف يمكن الاعتراف بأن المناظر الطبيعية الثقافية هي رمز التراث وتمثل ذكرى المكان، لذلك تعتبر السياحة المستدامة هي أداة تعزيز الاستدامة وحماية التراث للأجيال الحاضرة والمقبلة ، ومن ثم إنها أكثر الأدوات فعالية التي يمكن تنفيذها لإدارة وحماية الأصالة و ثراء المشهد الثقافي.
السياحة المستدامة والمناظر الطبيعية الثقافية
السياحة المستدامة هي السياحة التي تأخذ في الاعتبار الكامل من اقتصادها الحالي والمستقبلي الآثار الاجتماعية والبيئية، وتلبية احتياجات الزوار، والصناعة ، والبيئة والمجتمعات المضيفة، ومن ثم تتطلب السياحة تحديد وإدارة جميع الموارد بطريقة مستدامة، من أجل إيجاد الإنصاف بين احتياجات مختلف أصحاب المصلحة في مجال السياحة في الحاضر والمستقبل بما في ذلك الزوار والمجتمعات المضيفة والشركات السياحية، وما إلى ذلك.
شاهد المزيد :
لقد كان يُنظر إلى السياحة لفترة طويلة باعتبارها أداة للنمو الاقتصادي والتنمية، مع إيلاء اهتمام ضئيل للأثر السلبي الذي يمكن أن تحدثه على الموارد الطبيعية وأساليب الحياة والثقافات، ومع تكثيف النشاط السياحي والاختفاء التدريجي للموارد غير المتجددة، أصبحت الآثار الضارة للسياحة أكثر وضوحا.
طالع ايضا : حروف الجر في اللغة العربية
مع ذلك، إذا تم تنفيذها بطريقة محسوبة ومسؤولة، يمكن أن تكون مساوئ الممارسات السياحية محدودة ويزداد التأثير الإيجابي بشكل كبير، مما يفسح المجال للغرض الحقيقي للسفر: اللقاءات، والتبادلات، والاكتشاف، والانبهار!